جنسان أفضل من جنس واحد
رغم أنه لا يفيد كثيراً من الوجهة العلمية أن تعلم كيف صرت ذكراً بالغاً، إلا أن هذا العلم قد يساعدك في فهم تفرد الجنس البشري الذي تنتمي إليه ببعض المشكلات. لماذا لا يستطيع الكون أن يستمر في ظل وجود جنس وحيد؟ هل فكرت في مثل هذا السؤال من قبل؟ لا تفترض أن البكتيريا البسيطة والفطريات هي الكائنات الوحيدة التي تتكاثر لا جنسياً، فهناك مخلوقات كثيرة جداً أكثر تعقيداً منها تفعل نفس الشيء، وهناك كائنات أخري ينتج الفرد الواحد منها كلاً من الحيوانات المنوية والبويضات ثم يخصب نفسه.
لا يوجد قانون طبيعي يمنع حتي أكثر الحيوانات تطوراً في المملكة الحيوانية من إنتاج بويضة تتطور بشكل طبيعي دون مساعدة من الذكر، بعض إناث السحالي تفعل ذلك ( جميع البيض يفقس إناثاً ).
إذا افترضنا أن المرأة تستطيع الإنجاب بدون وجود الرجل، فإنها ستنجب نسخة مطابقة لها تماماً ( a clone ) وهذه العملية تسمي الاستنساخ Cloning ، إن وجود جنسين معناه التنوع، فالمولود الذي يجمع بين جينات ( عوامل وراثية ) أبويه يختلف عن كليهما وعن الفرد الذي سبقه في المجيء إلي الحياة، كل هذا التنوع يعني أن أنواع الكائنات تتغير بشكل أسرع وأن التطور يمضي بخطي أسرع.
تطور الكائنات وحيدة الجنس
إن التاريخ الطبيعي الذي تحكيه لنا الأرض يحمل هذه الحقيقة، لقد بدأت الحياة منذ أكثر من 3 بليون سنة ( 3 مليار سنة )، وهناك أشياء مثيرة حدثت علي مدار أغلب هذه الفترة، ورغم أن الكائنات وحيدة الجنس مثل الميكروبات تتكاثر عن طريق الانقسام إلي نسختين متطابقتين إلا أنها تتطور لأن جيناتها ليست ثابتة تماماً، فالجينات تعيد ترتيب نفسها علي الفور وتمارس تغيرات كيميائية حتي تظهر صفات جديدة ( طفرات ).
ويحدث هذا في بطء شديد، وهكذا فإنه حتي الميكروبات تسرع في تطور الأمور بنوع ما من الحياة الجنسية، وبين الحين والآخر نجد مخلوقين وحيدي الخلية يتضاغطان سوياً، ويظهر ثقب في جداريهما، ثم يتبادلان بعض البروتوبلازم ( المادة الحية ) الموجودة بداخلهما، وبرغم أن مدرسي الأحياء يتخذون مسألة الجنس عند البكتيريا مادة للفكاهة، إلا أن هذا ليس جماعاً في حقيقة الأمر، لكنه يوضح أن الطبيعة معنية بشدة بخلط المادة الوراثية، ويبدو أن الذكر يقدم هذه المادة بصورة أكثر كفاءة.